نهاد علي للرسالة الاقتصادية: خفض الفائدة الامريكية يعيد توزيع تدفقات رأس المال نحو أسواق الأسهم والذهب

كتب محمد ابراهيم

قالت “نهاد علي”، مدير قسم التسويق والمبيعات بشركة “عربية أون لاين”، لتداول الأوراق المالية، فى تحليلها لأثر التيسير النقدي الأميريكي على اسواق الأسهم العالمية والمحلية، إن الفيدرالي الأمريكي اعلن مؤخرا عن خفض الفائدة الأمريكية و ضخ سيوله كبيره بالأسواق و بدأ برنامج شراء الأصول و يمثل ذلك محرك جديد للأسواق العالمية .. وتفاؤل حذر في الخليج .

يشكل قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Fed) بخفض أسعار الفائدة نقطة تحول كبرى في خريطة السياسات النقدية العالمية، فبعد فترات من التشدد لمكافحة التضخم، يشير التوجه نحو التيسير النقدي إلى تحول في الأولويات الاقتصادية، وغالبًا ما يكون رد فعل الأسواق المالية على هذا القرار فوريًا وواسع النطاق، خاصة في الاقتصادات المرتبطة بالدولار كدول مجلس التعاون الخليجي والإمارات.

أولاً: الانعكاسات على الأسواق العالمية “ما وراء الدولار” :
يُعتبر خفض سعر الفائدة الأمريكي إشارة عالمية لعدة تحولات اقتصادية، أهمها تراجع جاذبية الدولار وضعف العائد على السندات: تقلل الفائدة المنخفضة من جاذبية الأصول المقومة بالدولار (مثل سندات الخزانة)، مما يدفع المستثمرين للبحث عن عوائد أعلى في أسواق أخرى.

انتعاش أسواق الأسهم والذهب: عادةً ما تنتقل السيولة الخارجة من السندات إلى الأسهم، مما يدعم ارتفاع الأسواق العالمية، كما يرتفع الذهب كأصل تحوطي في ظل ضعف الدولار وانخفاض تكلفة الفرصة البديلة لحيازته.

تحفيز النمو العالمي: خفض تكلفة الاقتراض العالمية يشجع الشركات على التوسع والاستثمار، وينعكس إيجاباً على الدول ذات الديون المقومة بالدولار، مما يخفف من أعبائها المالية.

مخاطر التضخم: يظل التحدي الأكبر لخفض الفائدة هو احتمال عودة الضغوط التضخمية، حيث تؤدي زيادة السيولة والإنفاق إلى ارتفاع الأسعار تدريجياً.و تباطوء معدلات الاستهلاك

ثانياً: الأسواق الخليجية بين الارتباط بالدولار وتعزيز النمو
تتأثر أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك الإمارات، بشكل مباشر بقرار الفيدرالي لسبب هيكلي رئيسي: ربط عملاتها بالدولار الأمريكي “باستثناء الكويت التي تربطها بسلة عملات.

الاستجابة النقدية المباشرة: تقتفي البنوك المركزية الخليجية أثر الفيدرالي سريعاً، وتخفض أسعار الفائدة الرئيسية لديها بنفس المقدار. الهدف هو الحفاظ على جاذبية العملة المحلية واستقرارها مقابل الدولار.
تخفيف تكلفة التمويل: خفض الفائدة محلياً يؤدي إلى تراجع تكلفة الاقتراض على الشركات والأفراد. وهذا يصب مباشرة في صالح:

الشركات العقارية: حيث تنخفض تكلفة الرهون العقارية، مما يحفز الطلب على العقارات السكنية والتجارية.

الإنفاق الاستهلاكي: يزيد من قدرة الأفراد على الاقتراض والشراء، مما ينشط قطاعات التجزئة والخدمات.

المشاريع الرأسمالية: يدعم خطط التوسع الحكومية والخاصة بتمويل أقل تكلفة، بما يتماشى مع خطط التنويع الاقتصادي في المنطقة.

ثالثاً: سوق الإمارات (دبي وأبوظبي).. محفز للنمو
تظهر الأسواق المالية في الإمارات (سوق دبي المالي وسوق أبوظبي للأوراق المالية) استجابة إيجابية وحذرة لقرار خفض الفائدة:

انتعاش قطاع البنوك والعقارات: تستفيد أسهم البنوك من زيادة حجم الإقراض، بينما تستفيد الشركات العقارية الكبرى (مثل إعمار) من زيادة الطلب المدعوم بانخفاض تكلفة التمويل. وقد شهدت مؤشرات الأسواق الإماراتية ارتفاعات محدودة ومباشرة بعد إعلان خفض الفائدة.

تعزيز السيولة وجاذبية الاستثمار الأجنبي: انخفاض العائد على الأصول الأمريكية يجعل الأسواق الخليجية، التي تتمتع بأسس اقتصادية قوية ورؤى تنموية واضحة، أكثر جاذبية لرؤوس الأموال الأجنبية الباحثة عن عوائد مرتفعة ومخاطر ائتمانية أقل.

دعم النمو غير النفطي: تسعى الإمارات لتعزيز دور القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي. وتوفر بيئة الفائدة المنخفضة أرضية خصبة لدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار في التكنولوجيا والسياحة والبنية التحتية.

الخلاصة :
إن خفض أسعار الفائدة هو سيف ذو حدين عالمياً، يعيد توزيع تدفقات رأس المال نحو الأسهم والذهب، بينما في الخليج وتحديداً في الإمارات، يمثل مرونة نقدية استراتيجية. هذه المرونة تدعم خطط النمو الطموحة وتخفيف أعباء التمويل، مع الحفاظ على استقرار سعر الصرف. يظل التحدي هو الموازنة بين دعم النمو وحماية الأسواق من أي ضغوط تضخمية قد تنشأ عن زيادة السيولة.

زر الذهاب إلى الأعلى