“الحلو مر” .. أحدث رواية للكاتب والروائي محمد مصطفى عرفي تحاول تفسير الصراع الذي يعيشه السودان

كتب آية ابراهيم

“الحلو مر”، هو عنوان أحدث رواية للكاتب والروائي محمد مصطفى عرفي  الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية – القاهرة ، وهو عنوان  مأخود عن اسم مشروب سوداني ، حيث تحاول الرواية تفسير ما يحدث بالسودان من خلال تناول جذور الصراع، الذي يعيشه السودان  اليوم عبر سرد  أحداث ما آل إليه هذا البلد منذ انقلاب 1989، ووصول عمر البشير المحسوب على الحركة الإسلامية إلى الحكم، وهيمنة الإخوان المسلمين، وقضاءهم على أحلام السودانيين في الديمقراطية، وكل فرص النمو والتطور طيلة ثلاثين عاماً 

استفاد الكاتب من دراسته في مجال العلوم السياسية، ومنح الخلفية ذاتها لشخوصه، سواء الباحث المصري محمود مصطفى كمال، الذي قصد لندن لنيل درجة الدكتوراه، أو مايكل هسلر الأستاذ في جامعة لندن، والخبير بشؤون الشرق الأوسط، وكذلك محجوب، الذي كان يعمل سكرتيراً أول في سفارة السودان في لندن، حتى تم عزله بعد انقلاب الحركة الإسلامية تحت مسمى “ثورة الإنقاذ”، فتحول الدبلوماسي الحاصل على ماجستير من جامعة أكسفورد، إلى عامل صرافة في مطعم هندي. وعبر هذه الشخوص مرر الكاتب رؤى سياسية، وتحليلات متعمقة، تفسر ما حدث في السودان، وترصد الهوس الديني، الذي يخاصم العقل، ويناقض المنطق. وحاول استكشاف أسرار استشراء هذا الفكر، في طبقات من الشعوب العربية، لا سيما السودان، مما ساعد الحركات الأصولية في الانقضاض على الحكم، وألقى بالسودانيين في مستنقع من العنف. وحرمهم على مدار عقود، فرصتهم في التحول الديمقراطي

و استطاع الكاتب نقل صورة لواقع يعاني قمعاً، وقبضة أمنية غاشمة، لا سيما وأن الحقبة التي دارت خلالها الأحداث في نهاية التسعينيات، وبعد عشرة أعوام من حكم البشير؛ شهدت سيطرة كاملة للحركة الإسلامية، على كل مفاصل الحياة في السودان، وشيوع مناخ من الخوف والتضييق. وعبر هذه المقابلات رصد الكاتب تنوع الانتماءات السياسية والأيديولوجية في السودان، بين مهديين، واتحاديين، وخاتميين، ويساريين. ونقل رؤاهم حول الحزب الحاكم، ومنهجه الاستبدادي، ولجوئه للتجويع الممنهج، وتصدير الرعب من أجل إحكام قبضته على الشارع السوداني، الذي بات يعاني من سوء الأوضاع المعيشية، ومن انتشار التدين الزائف. وأيضاً من ملاحقة أمنية مستمرة لم يسلم منها البطل نفسه، الذي تعرض على رغم جنسيته المصرية، للاختطاف من قبل رجال النظام.

 

و رسم الكاتب ملامح الشخصية السودانية وسماتها، فجسّد، نزوعها الغيبي، وانبساطها وتسامحها كما نقل أيضاً ما طرأ على المجتمع السوداني من تغيرات ، كما رصد بعضاً من ملامح الثقافة السودانية ومكوناتها، عبر استدعائه “الونسة”، وهي عادة اجتماعية متوارثة، يتجمع فيها السودانيون مساءً، ، ويطرحون كل شيء للنقاش برحابة صدر. واستدعى كذلك عادات السلام بين الرجال بتلامس الأكتاف، والاعتقادات الخاصة بالمشروب السوداني التراثي “الحلو مر”، في قدرته على حمايتهم من الأسقام، والحسد، وكافة الشرور والآثام

 وقدم الكاتب تفسيراً للصراع الدائر، الذي يعانيه السودان اليوم، على رغم إزاحة البشير وجماعته عن الحكم… “نظام البشير بات متوغلاً في كل شيء وأي شيء، ومن ثم تلاشت المسافة بين الدولة والنظام، بالتالي فإن رحيل النظام سيكون عملية قاسية مؤلمة محفوفة بالأخطار، وقد يفضي إلى تمزق السودان ذاته”

وأبرز عبر شخصية مايكل هسلر وعلاقته بأجهزة الأمن البريطانية، دور الغرب ومواقفه، مما يحدث في الشرق الأوسط، وتراوح سياسته في التعاطي مع جماعات الإسلام السياسي، بين السحق والاحتواء.

زر الذهاب إلى الأعلى